الغيرة ضروريّة لفحص العلاقة من وقتٍ لآخر
توصلت الدراسات الحديثة إلى العديد من الاكتشافات المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بموضوع الغيرة، حيث توصل العلماء إلى أنه حتى في أنجح العلاقات بين الأزواج لابد أن تظهر أعراض الغيرة من حين لآخر.
ويشير علماء الاجتماع إلى أنه لا يمكن أن تتطور العلاقة بين الزوجين بدون الغيرة والحسد حيث أن هذين العاملين يؤديان وظيفة دفاعية للحفاظ على العلاقة، ذلك من وجهة نظر النساء.
ويقول أحد علماء الاجتماع: أن الغيرة عامل مهم لنجاح العلاقة الزوجية؛ إذ أن الغيرة عبارة عن تصرف ينشأ مع بدء العلاقة بين أي زوجين و يستخدم كوسيلة للدفاع عن الشريك وحماية علاقة الحب من التهديد الخارجي.
وتعتبر الغيرة عاطفة مهمة وأساسية، بل تساوي في أهميتها مسألة الثقة التي تساعد الأزواج على البقاء مخلصين لبعضهم، لأنها تسهم في أن تبقي الأزواج متنبهين لحدوث أي خيانة محتملة. أي أنها جهاز لتحديد الخطر و الوقاية من خيانة الشريك، إذ أنها تعطي التحذيرات الأولية لكي يبقى الزوجان حذرين من ارتكاب أي خيانة زوجية.
وتشير الدراسة إلى أن النساء يظهرن الغيرة أكثر من الرجال وذلك لكي يزدن من التزام الزوج بالعلاقة الزوجية وكذلك لفحص العلاقة من حين لآخر. لذلك تنصح الدراسة بعدم الشعور بالضيق من الغيرة التي يظهرها الشريك، إلا أنه يجب أن تبقى في الحدود المحتملة.
الغيرة ثلاثة أنواع
الدكتورة ندى شريح" خبيرة في علم النفس التربوي والعائلي" تقول: الغيرة، غيرة الزوجة وظنونها مع زوجها، مقبولة حين تكون ضمن حدود الدفاع عن النفس، أي أن المرأة حين تشك بسلوك زوجها ثم تكتشف انه يخونها فان غيرتها تكون طبيعية جداً،ِ أما حين تعيش أغلب وقتها بين الظنون، وهي في الواقع لا تلمس ما يثبت خيانة زوجها لها، فهذا يعني أن تلك المرأة تعيش مرض الغيرة القاتلة، ويجب مداراتها، وأحيانا يجب معالجتها.
تقسم شريحة الغيرة إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الغيرة المرضية: التي لا يمكن معالجتها، وثمة نساء لا يتورعن عن ارتكاب جريمة بدافع الغيرة.
2 ـ الغيرة المتوسطة: إذ تبدو متفاوتة في ذات المرأة، أحياناً تكون ملتهبة وأحيانا تكون هادئة، ولكن تخضع هذه الحالة إلى تأثير مرضي أكثر مما هو سلوكي.
3 ـ الغيرة العادية: حين تشعر المرأة أنها تحب زوجها وهو يحبها، فشعور الغيرة ينتج بشكل طبيعي، بل تكون هذه الغيرة ضرورية لحماية العاطفة بين الزوجين.
الغيرة تحوِّل البيت إلى غوانتنامو جديد !!
يقول دكتور فريال الخالدي "أستاذ علم الاجتماع جامعة عجمان" : " إنّ الرجل هو الذي يدفع المرأة للغيرة من بعض الأشياء التي يرتبط بها وتصير كالمقدسات لديه ولا يستطيع الاستغناء عنها ولا يسمح لأحد المساس بها، فمثلا إحدى الصديقات تشكو لي زوجها الذي يقضي أكثر من 10 ساعات متواصلة أمام الانترنت بعد الانتهاء من دوامه الصباحي، فهو بالاسم موجود في المنزل إلا انه لا يشعر بما يجري حوله فماذا تفعل المرأة وقتها؟..
الغيرة هنا في محلها والسبب فيها هو الرجل نفسه، فمبالغته في الارتباط بالانترنت ما يجعل زوجته تغار عليه، فالمرأة بصفة عامة لا تغير من ارتباط زوجها بأي شيئا إلا إذا زاد عن حده وكما يقولون فكل ما يزيد على حده ينقلب لضده، فوجود الرجل إلى جانب المرأة سيسعدها كثيرا وهذا لا يعني أن تضيق الزوجة الخناق على زوجها وان تجعله حبيس البيت ليل نهار، فالوسطية هي المطلوبة من الطرفين.
وعلى المرأة أن تحترم هوايات الرجل وما يفضله، وعليه هو أن يلاحظ ذلك وألا يجعل من هواياته المفضلة مكرهة للمرأة لأنها بطبعها لا تحب التجاهل والتهميش، فذلك يشعرها بأنه ينتقص من أنوثتها.
وهناك ارتباط طبيعي بين الغيرة والحب لأن أجمل معاني الحب هو البحث عن راحة وإسعاد الآخر بشتى الطرق وتفضيل الآخر على النفس وليس حب التملك، فالحب الحقيقي هو بحث الزوجة عما يحبه زوجها وفعله حتى ولو على حساب نفسها في بعض الأحيان لذا ألوم الرجل الذي يهمل في بيته وأسرته في سبيل إشباع رغباته ثم يشكو من غيرة المرأة وتعاملها معه.
الغيرة "ظاهرة صحية"
تقول مريم الفزاري "رئيس قسم الخدمة الاجتماعية والنفسية بمركز أبوظبي للتأهيل": "إن الغيرة في وضعها العام هي ظاهرة صحية سواء كانت من المرأة أو الرجل ولكن هناك بعض الرجال لهم طقوس معينة يرفضون التنازل عنها تحت أي ظرف، فمثلا معظم الرجال ينهون دوامهم الصباحي ليرجعوا إلى البيت ويناموا ساعتين ثم يفيقوا في المساء ويستعدوا للخروج للذهاب للمقهى لمقابلة أصدقائهم والحديث معهم ثم يعودوا للبيت مرة أخرى ليشاهدوا الأخبار في التلفاز وبعدها يخلدون للنوم مرة أخرى وكأنهم أشبه بالضيوف، وإذا طلبت الزوجة تغيير هذا الروتين والاهتمام بها وبالأولاد وقضاء بعض الوقت في المنزل تحدث مشكلة وهذا ما يفقد الزوجين مع مرور الوقت لغة الحوار ويصيب الحياة الزوجية بالملل.
فالرجل الشرقي بطبعه أناني يبحث عما يسعده ويرفض تقديم التنازلات لأنه يعتبرها انتقاصاً من رجولته فهو يرتبط بالسيجارة كنوع من الإدمان ويرتبط بأصدقائه كنوع من التعود على ذلك قبل الزواج ويرتبط بالتليفزيون هروبا من بعض المشكلات، ولكن ما الأسباب التي تدفعه لعدم قضاء ولو بعض من وقته مع زوجته، فالبعض يعتبره وقتا مهدورا.
الدكتورة ريما الصبّان لها رأي مختلف إذ تؤكد أن انصراف الرجل عن زوجته وتعلقه ببعض العادات والأشياء راجع للمرأة نفسها، فالزوجة الذكية هي القادرة على جذب زوجها إليها للحديث معها. وللأسف معظم الزوجات يرغبن من الأزواج الإنصات في موضوعات قد تثير الغيظ أكثر ما تجذب الانتباه، ولا يمكن هنا أن نعمم أحقية المرأة في غيرتها من كل الأشياء التي يستخدمها الرجل.
بقلم : محمد خير عوض الله[b]